كان اليونانيون القدماء هم اول من لاحظوا ان الحيوانات مثل الفئران و ابن عرس و الافاعي و حتى الحشرات مثل ام اربع و اربعين قد فرت و غادرت مدينة هيلكي الاغريقية و ذلك قبل يوم واحد من زلزال مدمر ضرب المدينة عام 373 قبل الميلاد و منذ ذلك الحين و الناس تعتقد ان لدى الحيوانات قدرة خارقة على التنبأ بالزلزال قبل وقوعه.
و عندما ضرب التسونامي عام 2004 سواحل الدول المطلة على المحيط الهندي فأنه اخذ معه ارواح الالاف من الناس و لكن اغلب الحيوانات نجت منه سالمة بشكل يثير الانتباه.
و الصينيون يعتقدون منذ زمن طويل ان الحيوانات كالكلاب و القطط لديها قدرة خاصة على التنبأ بالزلازل ففي عام 1975 تم افراغ مدينة هايجنك من سكانها بسبب التصرفات الغريبة للكلاب و القطط في المدينة و ذلك قبل عدة ايام من حدوث زلزال مدمر ضرب المدينة و بذلك تم انقاذ حياة 150000 شخص من سكانها كان من الممكن ان يتعرضوا لموت محقق في حال بقائهم في المدينة. و هناك العديد من هذه القصص و التي تؤدي الى اعتقاد الناس بأن لدى بعض الحيوانات نوع من انواع الحاسة السادسة يمكنها من التنبأ ببعض الاحداث التي لا يستطيع الانسان العادي الشعور بها.
و لكن هناك العديد من العلماء يشككون في قدرة الحيوانات على التنبأ بالزلازل و خاصة لصعوبة اثبات مثل هذه القدرات في بيئة علمية مسيطر عليها فمعظم الشواهد التي تدعم هذه الظاهرة اتت من قصص و حكايات يرويها الناس فالبعض يقولون بأن كلابهم و قططهم تصرفت بغرابة قبل حدوث الزلزال و لكن العلماء يقولون بأن الحيوانات يمكن ان تتصرف بغرابة في اي وقت و اي زمان من دون ان تثير انتباه الناس و لكنها تحظى بأهتمامهم فقط بعد حصول الكوارث.
و حتى العلماء الذين يأيدون هذه القدرة على التنبأ لدى الحيوانات فهم لا يستطيعون اثبات او فهم الطريقة التي تمكن هذه الحيونات من الشعور بالكوارث الطبيعية قبل وقوعها, هل تلتقط تلك الحيوانات الموجات الكهربائية المنبعثة من الارض قبل وقوع الزلزال؟ هل تشم روائح الغازات المنبعثة؟ هل تشعر بالهزات و الارتعاشات الضعيفة التي لا يمكننا الاحساس بها؟ كيف يمكنها ان تعرف؟
هناك دراسة علمية حديثة تحت اشراف الدكتور ستانلي كورين و هو مؤلف لعدة كتب حول قدرات الكلاب الذهنية, تقول الدراسة بأنه يمكن حقا لبعض الكلاب اكتشاف و الاحساس بزمان وقوع الزلازل و يعتقد بأنه توصل للالية التي تمكن هذه الحيوانات من ذلك عن طريق حاسة السمع المرهفة الموجودة لديها و قد طرح الدكتور ستانلي نتائج بحوثه في هذا المجال خلال انعقاد مؤتمر الطب النفسي الاجتماعي الذي عقد في شهر نوفمبر في مدينة هيوستن الامريكية.
كان هناك 193 كلبا في الدراسة التي جرت في جامعة كولومبيا البريطانية في مدينة فانكوفر في كندا و قد حدثت زلزلة ارضية مركزها سياتل سببت اهتزازات عنيفة و اضرار في مدينة فانكوفر و لاحظ الباحثون قبل 24 ساعة من حصول هذه الزلزلة ان نصف عدد الكلاب التي شملها البحث بدأت بزيادة نشاطها و حركتها و التصرف بشكل ينم عن القلق و الانزعاج بينما لم تظهر هذه العلامات على 14 كلب اخر ضعيفي السمع شملتهم الدراسة بأستثناء واحد منهم و ربما السبب هو انه كان محبوسا مع الكلاب التي احست بالزلزلة و لذلك تأثر بتصرفاتها.
الدكتور ستانلي يعتقد بأن قدرة الكلاب على التقاط و سماع الموجات و الذبذبات الضعيفة التي لا يمكن للأنسان التقاطها يمكنها من سماع صوت تكسر و تفتت الصخور تحت الارض و الذي يسبق وقوع الزلزال. و لكن السؤال المحير هو لماذا تشعر الكلاب بالاضطراب لدى سماعها هذه الاصوات؟ هل تعرف ماذا تعني تلك الاصوات؟ هل تعرف بأن الخطر اصبح وشيكا؟ الدكتور ستانلي يقول كلا, فالحيوانات لا تفهم ماذا تعني هذه الاصوات و لكن يبدو ان هذه الاصوات تسبب لهم ازعاجا بنفس الدرجة الذي يولده صوت احتكاك الاضافر على لوح الكتابة لدى الانسان لذلك فهي تحاول الابتعاد للتخلص من هذه الاصوات المزعجة.
هذه الدراسة يمكن ان تفسر جزئيا لماذا نجت الحيوانات من التسانومي و الذي حدث بسبب هزت ارضية ضربت قاع المحيط الهندي و يبدو ان الحيوانات التي لديها قدرة على سماع الذبذبات المتولدة من المحيط قبل التسانومي قد بدأت بأظهار علامات و تصرفات غريبة و الفرار من المنطقة و ان الحيوانات الاخرى التي لا تملك هذه القدرة او الحاسة تأثرت بتصرفات تلك الحيوانات لذلك بدأت هي ايضا بالفرار و الابتعاد عن منطقة الخطر.